بقلم : سعاد بومريام /طالبة باحثة.
لا يخفى على أحد أن في هذه المجتمعات تسود ثقافة ذكورية، تنشىء المرأة باعتبارها جسد لا عقل ولا فكر. هذه الهيمنة لها أصول تاريخية، مند ظهور الملكية الفردية وبروز السمات الجنينية للرأسمالية. وحجب واقع الإضطهاد الجنسي و الطبقي الرؤيا عن رجال الدين و الكهنة الذين ظلوا يكرسون في تشريعاتهم و يعيدون إنتاح الواقع السائد نفسه في هذه القضية. إن إعتبار المرأة كائن ثانوي تابع للرجل -الكائن الأساسي- وإحتكار الرجل للعمل المنتج وتهميش المرأة وإقتصارها على المهام الثانوية أصبح من الضوابط الشرعية لهذه الفئات.
إن هذه السلطوية و الهيمنة ظهرت كنيجة للثقافة الإستعبادية واستغلال الانسان للإنسان السائد في المجتمعات خصوصا المتخلفة منها، فمعظم الدراسات التاريخية و الأنترلوبوجية، أكدت على أن المرأة كان لها دور فعال في مجال الإنتاج، سواء في المجال السياسي، الديني و التربوي… وكانت لها مكانة عالية داخل العشيرة بحيث فرضت احترامها إلى درجة تقديسها… كما انتزعت لنفسها مجموعة من الحقوق المتمثلة أساسا في حق إنتساب أبنائها إليها… وبفضل المرأة اكتشفت الزراعة بحيث انتقل المجتمع من مرحلة الصيد إلى مرحلة الزراعة، غير أن هذا الإنتقال لم يكن فأل خير لها، بل دفع إلى ظهور المدن التي ساهمت في التبادلات التجارية و تكون الرأسمال و الملكية الفردية !!
إن هيمنة الذكور على الوسائل الإنتاجية و على القطاع التجاري ككل، أدى إلى تكوين مجموعة القواعد والقوانين نظمت العلاقات الجنسية وظهور الزواح الأحادي الذي لم يكن في النطام الاموي. وبفعل هذه التطورات ظهر نظام البطريركية أي النظام الأبوي، هذا الأخير جعل دور المرأة يقتصر فقط على الإنجاب والتربية وخدمة الرجل وأشغال البيت. أصبح الأن الرجل هو زعيم العائلة ،يمارس جميع مهام السلط بفضل التفوق الفزيولوجي و القوة الميكانيكة العضلية للرجل. إن نظام السلطة المطلقة لرب العائلة أي الرجل، ساهم بشكل كبير في ظهور الإنتساب إلى الأجداد الذكور فقط. هذه العوامل كلها أدت إلى إنهيار مجتمع العشيرة، واﻹنتقال إلى مجتمع الدولة. إن هذا السياق التاريخي وضح لنا كيفية الهيمنة و السيطرة على المرأة .هنا سيتم ظهور مجموعة من الحركات النسوية التي تدعور لتحرر المرأة، بفضل مجموعة الأطروحات و الإيدلوجيات. من بينها الفكر الإشتراكي، وكذا المنهج الجدلي المتمثل في المادية التاريخية التي أرسى أسسهها العلمية كل من كارل ماركس وفريدريك انجليز حيث أقرو باﻹعتراف بالمرأة ككائن فعال في الإنتاج. ظهرت هذه الحركات في معظم الدول الغربية مثل روسيا وإيطاليا وألمانيا … قادتها نساء دعون إلى المساواة التامة مع الرجل في كل الحقوق. هنا قد أطرح سؤال جوهري هل المرأة العربية واعية كل الوعي بأنها مضطهدة؟؟ وما الدور الذي لعبته لأجل تحررها؟؟ إن المرأة العربية بدورها تعيش الإقصاء و الاضطهاد أكتر من المرأة الغربية إن صح القول، في ظل الثقافة السائدة في المجتمعات العربية. فمع مجئ الإسلام كانت للمرأة مجموعة من الإمتيازات إستمرت إلى حدود أواخر العصر العباسي. ولكن كل تلك الإمتيازات لم تحررها بالكامل من هيمنة و سلطوية الرجال الطغاة و فتاوي الشيوخ. وقد ينسى هؤلاء التاريخ الإسلامي، بحيث قد تخلدت المرأة في عصر ظهورالإسلام مجموعة من المناصب العليا في الدولة .ندكر منهم الملكة أروى و أسماء و شجرة الدر. ويرجع إستتناء المرأة العربية في هذا العصر من هذه المناصب، إلى هيمنة الفكر التقليدي الشوفيني و الظلامي المتعصب. التي تأول النصوص الدينية الخاصة بالمرأة تأويلا خاطئا . لقد تبنت هذه التنظيمات منطقا إقصائيا تجاه المرأة، مبررا ذلك بالتأويلات الفقهية بحجة أنها ناقصة عقل ودين. كما لجئوا إلى أقول الصحابة مثل ” لن يفلح قوم ولوا أمرهم إمرأة” و “الأخد برأيهن مفسدة”. بل وأكثر من ذلك ظهور حركات نسائية رافضة لتحرر المرأة. التي أقرت على الرفض التام في الإجتهادفي النصوص المتعلقة بقضيتها. منها حركة التمييز بين الجنس و الجنوسة، وعلى الفروق التشريحية و تدعي أن التكوين الفيزيولوجي لدماغ المرأة يختلف عن نظيره لدى الرجل، وأن تولية المرأة بدعة. إن هذا الطرح تدافع عنه مجموعة من الحراكات داخل المغرب من بينها حركة التوحيد و الإصلاح و العدل والإحسان. الذي ينادي من خلال نهجه بعدم أهلية المرأة لرئاسة الدولة، بفعل نقصان عقلها. … إن معظم الدرسات البيولوجية و العلمية و الفيزيولوجية لا تدل على أن المرأة ناقصة عقل. في هذا صدد تقول أوزولا شوي في كتابها أصل الفروق بين الجنسين “إن الخصائص الأنثوية التي كانت تعتبر أصلية مثل عاطفة الأمومة والعاطفية والإهتمام الإجتماعي و السلبية ليست أنثوية بالطبيعة ولا فطرية بل مكتسبة تقافيا” . ليس من السهل الخروج من هذه الوضعية، وهدم ما جاء به الفكر الرأسمالي. وجب علينا التخلي عن تلك العادات و الأعراف و التقاليد التي قيدت المرأة وجعلتها سجينة الرجل. و كذلك ضرورة التخلي علي التقسيم الجنسي للعمل، و تأمين المساواة الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والحقوقية الكاملة للمرأة . و في الأخير أقول أن تحررالمرأة رهين بتحرر الرجل بنفسه .