المجهر 24/ ذ. إبراهيم أبهوش|
كشف تقرير صادر عن معهد “أوريزون” المتخصص في الدراسات الاستراتيجية عن تقدّم المشاورات التنموية بين موريتانيا والمغرب والإمارات العربية المتحدة، بهدف إقامة شراكة ثلاثية تحمل طابعًا اقتصاديًا ودبلوماسيًا مبتكرًا، قادرة على إعادة تشكيل المشهد الإقليمي،ويتوقّع المعهد أن تكون هذه المبادرة نقطة تحول حاسمة، مع اقتراب نهاية عام 2025، إذ ستبدأ آثارها بالظهور بوضوح، لتؤسس مركزًا جديدًا للتنمية والاستقرار السياسي والاقتصادي في منطقة ذات أهمية استراتيجية كبيرة.
يمثل هذا التحالف نموذجًا مبتكرًا للتعاون بين دول الجنوب، حيث يجمع بين القدرات الاستثمارية والتكنولوجية للإمارات، والبنية التجارية الراسخة للمغرب، إلى جانب الموارد الطبيعية والموقع الجغرافي المميز لموريتانيا في تكامله مع ماتشهده الأقاليم الجنوبية المغربية من تنمية اقتصادية واجتماعية مهمة من بينها ميناء الداخلة الأطلسي.
ويثير هذا التساؤل حول مدى قدرة هذا التعاون على تعزيز التكامل الاقتصادي، وخلق فرص استثمارية جديدة، وتحفيز النمو المستدام في المنطقة. 

يشمل التعاون تطوير ممرات تجارية إستراتيجية تربط المحيط الأطلسي من “ميناء الداخلة الأطلسي “إلى الخليج العربي، مما يساهم في تحسين حركة النقل والتجارة عبر استغلال الموقع الجغرافي لجنوب المغرب وموريتانيا كبوابة لأسواق غرب إفريقيا، في ظل دعم لوجستي متقدم من المغرب، كما يلعب الأمن الغذائي والطاقة دورًا محوريًا في هذه الشراكة، حيث تمتلك الإمارات خبرات واسعة في إدارة الموارد الغذائية، بينما توفر موريتانيا إمكانات زراعية وبحرية كبيرة، إلى جانب حلول المغرب في قطاع الطاقة المتجددة والصيد البحري وغيرها، مما يفتح آفاقًا لإنشاء مشاريع مشتركة تعزز الاستدامة في هذه المجالات.
لا يقتصر تأثير هذه المبادرة على الدول الثلاث فحسب، بل يمتد ليشمل مجموعة دول الساحل الأفريقي، التي يمكن أن تستفيد من المبادرة الملكية المغربية، والتي تتيح لها منفذًا استراتيجيًا إلى المحيط الأطلسي عبر استغلال الخبرة المغربية في اللوجستيات، مما يوفر فرصًا اقتصادية وتنموية جديدة لدول مثل مالي، بوركينا فاسو، والنيجر.
يرى التقرير أن هذا التعاون، إلى جانب كونه اقتصاديًا، يمثل تحولًا في التوازنات الجيوسياسية للمنطقة، حيث يعزز التكامل الإقليمي، ويوسّع مناطق النفوذ، ويخلق روافع جديدة للتعاون الاستراتيجي، مستندًا إلى مقاربة تجمع بين القوة الاقتصادية والتكنولوجيا المتقدمة والدبلوماسية الاستباقية. 

في ظل هذه التحولات، يبرز المغرب كقوة اقتصادية ودبلوماسية صاعدة، مستندًا إلى استراتيجية تنموية متقدمة وتوسع في الشراكات الدولية، رغم معارضة الجزائر لهذا النهج وسعيها إلى دعم الانفصال عبر جبهة البوليساريو، يراهن المغرب على تعزيز موقعه الإقليمي عبر الاستثمار في البنية التحتية والطاقة المتجددة والصناعات الحديثة، إلى جانب شراكات اقتصادية متنوّعة مع دول إفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط، في المقابل، يعتمد النهج السياسي الجزائري على التصعيد في محاولة لإعادة تعريف موازين القوى في شمال إفريقيا، وفقًا لما جاء في تقرير حديث لمعهد “أوريزون” بعنوان “هل تراهن الجزائر على استراتيجية الهاوية المحسوبة؟” الصادر يوم الجمعة 2 ماي الجاري.
بين الطموحات التنموية للمغرب والمقاربات السياسية الجزائرية، يبقى السؤال المطروح: هل يمكن لهذا التحالف الثلاثي أن يعيد تشكيل التوازنات الإقليمية رغم التحديات السياسية التي تواجهه؟ وهل ستؤدي استراتيجيته المتنوعة إلى تعزيز مكانته كقوة إقليمية رائدة؟