المجهر 24/العيون-ابراهيم أبهوش.
خوض معركة الأمعاء الفارغة ، ليس بالأمر الهين ، وإقبال المعطلين الصحراويين عليها بمدينة العيون ، لم يأت إلا بعد استنفادهم لكل محطات ومراحل النضال السلمي ، نضالهم لم يأت بجديد في المحطات الماضية ، باستثناء ماتركته زرواطة الآلة الأمنية ، من علامات على أجساد لاتحتمل أصلا كل تلك الضربات والركلات في فض المسيرات والوقفات ، التي لم تأت بدورها من فراغ ، بل من ضغط نفسي وعصبي بفعل الوقوف لساعات لاستتباب الأمن والحفاظ على النظام العام ، كما ألفو القول وهم يبررون !!.
أن تقبل جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان في فرعها بالعيون ، فتح بابها لهؤلاء المعطلين شيئ محمود وعادي جدا في أعتى الديموقراطيات في العالم ، وهو انتصار أيضا لحقوق الانسان وللسلم الاجتماعي ، فاحتواء المشكل والدفع به نحو الحل أمر محمود ، لكن بمدينة العيون العاصمة السياسية للأقاليم الصحراوية ، التي تتجه لها كل العيون ،اعتبارا لوضعها السياسي ، خطأ تاكتيكي في التقدير وجرأة حقوقية في نظر البعض الآخر !!، وما أحوجنا لهذه الجرأة في كل الملفات والمحطات !!.
أن يحس المرء بحرقة وألم في نظرته للأفق المسدود ، بعد سنوات من التحصيل العلمي والأكاديمي ، وهو في بيئة مغلقة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ، هو أقرب إلى الموت منه إلى العيش في دل ومهانة وهو يستجدي في عقده الثالث أو الرابع ” موالين الدار” ثمن موس شفرة حلاقة!! ولا اسقاط على نون النسوة..
استمرت حرب الأمعاء الخاوية لأبناء الصحراء الغالية، لليوم الرابع عشر، شباب ناضل وكافح من أجل التحصيل العلمي بعيدا عن العائلة مهاجرا لسنوات إلى أكادير أو مراكش أو الرباط أو طنجة حتى، بعد حرمانهم من جامعة تستجيب لانتظارات ساكنة جهتهم لأربعة عقود ! ! … وبعد سنين عددا ، عادوا محملين بشواهد دراسية وعلمية ولسان حالهم يقول : غدا بلاشك فرج وشغل يعوض العائلة نفقات الدراسة التي اثقلت كواهل الأسر!!.
عودة وفرحة لم تدم طويلا، بعد أن ازدادت معاناة الأسر وازدادت معها النفقات، في غياب شبه منعدم لموارد دخل بهذه المدن، اللهم بعضا من بطاقات للإنعاس الوطني، هي الأخرى توقفت…. لاشيء يشجع على حياة سعيدة بهذه المدن يقول أغلب الشباب ، في غياب مقاولات مواطنة، أعطت العهود وأخلفت الوعود !!
الحق في العمل ، والكرامة بين أفراد الأسر، في مجتمع لايرحم ، والاحساس بطعم القدرة ، طالما راود أحلامهم الورديه كشباب يطمح لغد أفضل …شركة مواطنة وحيدة، لم تستجب لمطالبهم ، وفي حقهم في الشغل والكرامة الإنسانية. ..لم تشفع لهم المسيرات النضالية ، ولا الوقفات الاحتجاجية التي عادة ماتجابه بالقوة العمومية. …طال الانتظار ولم يتبقى إلا الإضراب عن الطعام …نفدوا إضرابهم، ونقل الاسعاف أول من سقط وثاني وثالث ورابع. …تتهاوى أجسام شباب كلهم أمل في وطن يحظنهم ويحقق لهم أحلامهم. . . لكن تأبى الأحلام أن تتحقق ويأبى أولو الحل والعقد الاستجابة! !
ترى ماذا ينتظرون؟ وكم سيكلفك العناد ياوطن؟ هكذا وفي منتصف نهاراليوم 25 يناير 2016، سيشهد التاريخ أن مصابا جللا كاد أن يحدث لولا تدخل، رئيس جهة العيون الساقية الحمراء وأحد نوابه، في موعد مع التاريخ ، فتحا حوارا جديا ومسؤولا مع المضربين بمقر المعتصم، مفاوضات بنبرة الحزن والألم ، واستعراض لكرونولوجيا وعود لم تتحقق في محطات سابقة ، لم يلتزم بهاالمسؤولون ، وكانت النتيجة فقدان الثقة في أي مبادرة للحل !! والمفاوضات جارية بين الرئيس والمعطلين المضربين عن الطعام ، تتسارع
دقات قلوب منتهزي الفرص والصيادين في المياه العكرة والمتاجرين بآهات وآلام الأمهات والأرامل والمطلقات ، وبعد مفاوضات مسؤولة وجريئة وقوية بين الطرفين، انتصر رئيس الجهة ونائبه على التجار، وانتصرا أيضا للتاريخ والمسؤولية ، بفك المعتصم ، وانتصر المعتصمون المضربون عن الطعام على سماسرة الأزمات بالاستجابة لنداء الضمير وصوت الحكمة والعقل ، وقطع الطريق على كل من سعى للركوب على المعاناة والأزمات باسم القضية الصحراوية … نعم انتصر المعطلون لأنفسهم وللقضية الصحراوية، بالحكمة والثبات والاحتكام للعقل ، وانتصر رئيس الجهة سيدي حمدي ولد الرشيد وبلاهي أباد، المسؤول الأول عن تفعيل الاختصاصات في تدبير الشأن العام الجهوي ، وايجاد الحلول الكفيلة بالنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية للساكنة المحلية.
هنيئا لكم السيد الرئيس ، بالانتصار لنداء الواجب والضمير الانساني ، وهنيئا للمعطلين ، لانكم استجبتم لنداء العقل وفوتم على الانتهازيين فرصة المتاجرة بآلامكم ، بعدما انتصرتم بلفت انتباه الناس إليكم ، وانتزاع التضامن معكم ومؤازرتكم في ملفكم المطلبي.
هنيئا لكم ، لأنكم أبنتم حقيقة ، أنكم شباب لاتنكسر شوكته ، عاقل وواع وأنكم مؤمنون بالحوار وأن كل الحاجات لاتقضى إلا بالروية والحكمة والتبصر … انتصرتم ، ضمنتم وعودا من رئيس جهة يعول عليه كثيرا ، في وضع قطيعة لقرارات لاتخدم الانسان وبلاشك انتصرتم لأنفسكم وللوطن.
25 يناير، الانتصار للكرامة الانسانية في معركة الأمعاء الخاوية .
