المجهر24/لاس بالماس|
الصحة أم الاقتصاد ؟ ذاك هو النقاش الذي لا يزال محتدما في جزر الكناري حول توجهات الحكومة المحلية في الأرخبيل فيما يتعلق بالأولويات التي يجب أن تحتل الصدارة في الأشهر المقبلة بعد الزيادة المقلقة التي سجلت في عدد حالات الإصابة بفيروس ( كوفيد ـ 19 ) منذ بداية شهر غشت الماضي .
ومن المؤكد أن عودة السياح الأجانب وكذا المحليين بعد رفع الاحتواء الشامل وإعادة فتح أبواب المنشآت والمؤسسات الفندقية قد أعطت زخما جديدا لاقتصاد الأرخبيل الذي يرتكز على قطاع السياحة في المقام الأول غير أن الوصول المكثف لأفواج السياح كما أنعش إيرادات الخزينة بجزر الكناري فإنه قد تسبب في زيادة غير مسبوقة في عدد حالات الإصابة بالوباء لاسيما في غران كناريا وتينيريفي ولانزاروتي وهي الجزر الثلاث التي تستأثر بحصة الأسد من السياح الأجانب الذين يفدون لقضاء عطلهم في الأرخبيل .
وأعلنت جزر الكناري خلال 24 ساعة الماضية عن تسجيل 143 حالة إصابة مؤكدة جديدة بفيروس كورونا ليرتفع بذلك عدد الحالات النشيطة إلى 6757 حالة أي ضعف الإصابات المسجلة تقريبا ما بين شهري مارس وأبريل حسب البيانات الصادرة عن وزارة الصحة بالحكومة المحلية للجهة .
وسجلت جزر الكناري منذ بدء تفشي الوباء 12 ألف و 202 حالة إصابة بفيروس كورونا المستجد و 217 حالة وفاة .
كما أن الطاقة الاستيعابية لأقسام ووحدات العناية المركزة سواء في القطاع العام أو الخاص بهذه الجهة التي تتمتع بنظام الحكم الذاتي قد بلغت حتى الآن نسبة 45 في المائة حيث يوجد بها 214 مريضا ممن يحتاجون إلى العلاجات المكثفة 45 منهم بسبب المضاعفات الناجمة عن الإصابة بفيروس كورونا المستجد .
ودفع هذا الوضع بألمانيا التي تعد المصدر الرئيسي للسياح الذين يفدون على الأرخبيل إلى جانب المملكة المتحدة إلى إدراج جزر الكناري ضمن قائمة المناطق المعرضة لخطر الإصابة بفيروس ( كوفيد ـ 19 ) حيث شملت توصية برلين الرسمية الخاصة بتجنب السفر غير الضروري لمواطنيها إسبانيا بأكملها بما في ذلك جزر الكناري .
وقد هدد القرار الألماني الذي جاء متزامنا مع قرار اعتمدته الحكومة البريطانية يقضي بإخضاع جميع الزوار القادمين من إسبانيا بما في ذلك جزر الكناري للحجر الصحي مخطط الحكومة المحلية للأرخبيل لتحقيق التعافي والانتعاشة الاقتصادية الذي يرتكز بالأساس على إيرادات القطاع السياحي وفتح نقاشا ما انفك يحتدم حول التصورات الكفيلة بحل معادلة تحقيق الإقلاع الاقتصادي وحماية الصحة العامة في ظل سياق يتسم بتفشي جائحة فيروس كورونا المستجد .
وفي الواقع فقد تعرضت الحكومة المحلية بالأرخبيل لانتقادات كثيرة لعملية تدبيرها لما بعد الاحتواء الشامل خاصة من طرف الخبراء المتخصصين والمهنيين في القطاع السياحي وكذا من طرف الأحزاب السياسية في المعارضة وجمعيات وهيئات المجتمع المدني الذين اتهموا السلطة التنفيذية الإقليمية بتفضيل الانتعاشة الاقتصادية على صحة المواطن .
وينتقد الفاعلون السياسيون والمهنيون الحكومة المحلية لعدم فرضها قيودا على السياح الأجانب الذين يرغبون في زيارة جزر الكناري مثل الالتزام بتقديم اختبارات الفحص في المطار كما تفعل أغلبية الدول الأخرى .
وترد الحكومة المحلية للأرخبيل برئاسة الاشتراكي أنخيل توريس بأن الإدارات المعنية قد أخذت في الاعتبار منذ عودة الوضع الطبيعي بعد رفع حالة الطوارئ كل المخاوف المتعلقة بالصحة والاقتصاد .
وأقر أنخيل توريس ب ” خطورة تأثير ارتفاع عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد على اقتصاد الأرخبيل خاصة في قطاع السياحة ” لكنه شدد على أن السلطات المحلية تجعل الحفاظ على صحة المواطن ضمن أولوياتها بجزر الكناري .
وإضافة إلى ذلك تصر حكومة الجهة على أنها دعت الحكومة المركزية الإسبانية أكثر من مرة إلى فرض اختبارات الكشف عن المرض على السياح الأجانب بعد إعادة تنشيط القطاع غير أن طلبها قوبل بالرفض بحجة عدم وضع العراقيل أمام الانتعاشة الاقتصادية .
وأمام هذا الوضع أطلقت وزارة السياحة في الحكومة المحلية لجزر الكناري بالتعاون مع مجالس الجزر السبعة استراتيجية مشتركة للضغط على مدريد من أجل الحصول على الضوء الأخضر لإجراء اختبارات الكشف عن المرض على السياح الذين يصلون إلى الأرخبيل .
وفي انتظار رد الحكومة المركزية على هذا الطلب حافظ مسؤولو الأرخبيل على اتصالاتهم مع منظمي الرحلات السياحية ( وكالات الأسفار والفاعلين وشركات الطيران ) حيث يحثونهم على المطالبة هم أيضا بضرورة اعتماد اختبارات الكشف عن المرض على السياح والركاب قبل التوجه نحو جزر الكناري .
ومع الارتفاع المسجل على مستوى عدد حالات الإصابة بالمرض في جزر الكناري والذي لا يزال متواصلا تستمر المواجهة بين الحكومة المحلية للأرخبيل والحكومة المركزية بشأن القيود وكذا التدابير والإجراءات الاحترازية التي يجب اعتمادها من أجل تحقيق التعافي والانتعاشة الاقتصادية وفي نفس الوقت حماية صحة السكان
المصدر:و.م.عـ عمر المرابط ـ