الإعلام وحقوق الإنسان : أية علاقة؟ الحلقة الأخيرة

 

 

بقلم: عبد السلام الزروالي حايكي.

II- دور الإعلام المغربي في نشر ثقافة حقوق الإنسان

الملاحظ على الإعلام المغربي بوجه عام أنه لم يتبين قضية التوعية بحقوق الإنسان من خلال خطة إعلامية واضحة. بل من المؤسف أن تناول قضايا حقوق الإنسان في وسائل الإعلام الوطنية هو في الأغلب والأعم لا يعدو أن يكون جانبا من الخطاب السياسي الذي لا يتوخى إعلاء شأن حقوق الإنسان أو الدفاع عنها باعتبار ذلك هدفا في حد ذاته، إنما يرمي إلى خدمة مصالح سياسية أو حزبية تقتضي تسليط الأضواء على بعض التجاوزات دون بعض، مع الاستشهاد كلما تسير ذلك وسمح به السياق. بتقارير وبيانات منظمات حقوق الإنسان بحسبان أن مصداقية هذه المنظمات ونزاهتها هي بمعزل عن الشك، أما إذا كان ما تقوله هذه المنظمات يتعارض مع المصالح والأهواء السياسية، فيتم التعتيم عليه، بل وقد يطعن في مصداقية قائله وتسحب منه الثقة. وغني عن البيان أن هذا المسلك يضر ضررا بالغا بحركة حقوق الإنسان عموما،
ويشكك في نوايا دعاة حقوق الإنسان والمنظمات المعنية بها، بل ويشوه صورتها لدى الجماهير .ويتجلى ذلك بوجه خاص في تغطية الإعلام المغربي الأنشطة منظمة العفو الدولي ونضالها من أجل حقوق الإنسان .
فرغم التطورات الإيجابية التي طرأت على هذه التغطية في السنوات الأخيرة، فإنها لا تزال تقسم، بالانتقاء إلى حد بعيد، فهناك صحف تعثم على تقارير تتعلق بالدول التي تنتمي إليها أو التي تمولها، وهناك صحف أخرى تنشر تقارير تتعاطى مع توجهاتها السياسية، والأنكى من ذلك أن المحررين في هذه الصحف لا يخفون هذا المنحى في معرض تبريرهم لعدم نشر هذا التقرير أو ذاك .
يجب على الإعلام أن ينهض بدوره الحيوي في إرساء ثقافة حقوق الإنسان، باعتبارها قضية جوهرية يتبناها وينأى بها عن الأهواء والاعتبارات السياسية … ويشمل ذلك التوعية بالمفاهيم الأساسية لحقوق الإنسان، وتسليط الضوء على أنشطة دعاة حقوق الإنسان تستهدف إعلان شأن حقوق الإنسان والدفاع عنه، غير أن هذه التوعية لم تحظ بعد بما تستحقه من الاهتمام من جانب وسائل الإعلام، ولاسيما المرئية والمسموعة منها .ولما كانت الإذاعة
و التلفاز يخضعان لسيطرة الدولة، فإن العبء الأكبر في هذه التوعية إنما يقع على كاهل الدولة. ويمكن أن يتم ذلك بوسائل متعددة من بينها، على سبيل المثال، البرامج والمسابقات الثقافية، والأعمال الدرامية الهادفة إلى ترسيخ مبادئ حقوق الإنسان وتعميق وعي الجماهير بحقوقهم بصورة غير مباشرة حتى تصبح عادات يعتادونها وسلوكا يسلكونه في حياتهم اليومية، حتى دون أن يتذكروا أسماءها .
إننا ندعو إلى ثقافة حقيقية لحقوق الإنسان ووعي صادق بها؛ ليس الأمر فيها أن تصاغ في إعلانات و اتفاقيات ومواثيق ودساتير وكفى، ولا تردد أسماؤها على الألسنة والأقلام، بل إن يكون الناس جميعا أينما كانوا على وعي بأبعاد المعاني التي تشير إليها هذه الأسماء، فمن الشطط أن نطالب إنسانا بالدفاع عن حقوقه وهو لا يدري ما هي، وليست هذه المعرفة سوى الخطوة الأولى التي تتيح للناس مهما كانت منزلتهم الثقافية، وأيا كان حظهم من التعليم، أن يكون لهم نصيب من استيعاب حقوقهم وفهم ما يترتب عليها، ولكن الأهم من ذلك أن تتشربها نفوسهم، وأن يرهف حسهم بها، وتجيء أفعالهم مجسدة لما هو مقصود منها …ذلك هو الوعي الذي ينبغي أن تطمح إليه وسائل الإعلام، وتسعى لتحقيقه .

رابط الحلقة السابقة :https://www.almijhar24.com/الإعلام-وحقوق-الإنسان-أية-علاقة؟/

شارك المقال
  • تم النسخ